بقلم عبدالسلام الطائي
تعد محافظات البصرة وميسان وذي قار والمثنى وواسط سوقاً استثمارياً لمادة الكرستال التي تباع في معظم المقاهي الشعبية.تتحدد أهداف ايران من نشر المخدرات في إسقاط منظومة القيم الدينية الاخلاقية والوطنية، لدى المجتمع، ولتدمير عنصر الشباب، وجرّهم إلى عالم الجريمة بكافة أشكالها بما فيها الارهاب لتسهيل تحويل المتعاطين الى عناصر ارهابية تستخدمهم في التفجيرات بالاحزمة الناسفة، لغرض السيطرة على الدولة والمجتمع.وتعد محافظات البصرة وميسان وذي قار والمثنى وواسط “سوقاً استثمارياً لمادة الكرستال التي تباع في معظم المقاهي الشعبية”.وبهذا الشان، اعلنت مديرية الأمن الوطني عن ضبط “شبكة كبيرة تتولى تهريب العملة والمخدرات مكتوب عليها باللغة الفارسية” ويعد معبر الشلامجة الحدودي بين محافظة البصرة العراقية والأحواز المحتلة ومعبر مهران بين محافظة واسط العراقية وكرمنشاه الإيرانية من المنافذ الرئيسة للتهريب، علما ان تلك المعابر تحت حراسة الميليشيات الولائية الايرانية، التي ساعد وساهم حضورهما الأمني والاستخباري في تهريبها. وزاد من عمليات تهريبها ايضا قيام ايران بعمليات التهجير القسري لتنغيل الغلاف الديموغرافي للعراقين بالمستعرقين المسلحين قرب المنافذ الحدودية لتصبح تلك الجماعات المسلحة حرس حدود، بديلاً عن الجيش العراقي، لتقطنها الان اكثر الشعوب خطورة على الارهاب الدولي وتعاطي المخدرات نذكر منهم: الافغان والايرانيون والباكستانيون، الذين تسللوا عنوة الى العراق اثناء الزيارات وبدون اوراق ثبوتية ليصعب ترحيلهم وإعادتهم، آخذين بالاعتبار ان هؤلاء يشكلون اكثر الجنسيات خطورة في تنظيمي داعش والقاعدة. وبسببهم اصبحت محافظة ديالى ومنطقة جرف الصخر، والطارمية على قارعة الطريق، وغيرها مستعمرات ايرانية، اخذت تشكل ملاذًا لتجار المخدرات، لا تتمكن حتى الجهات الامنية المتخصصة بما فيهم وزير الدفاع والداخلية الدخول إليها.ثانيا: الأسباب الاجتماعيةتفيد نظريات علم اجتماع الشواذ لتحليل السلوك السايكوباثي/ السياسي الشاذ، بأن لولا تغييب الوعي الاجتماعي بالمخدرات لما تحمل العراقيون اليوم السلوكيات الاجرامية السايكوباثية الشاذة للمرجعيات الولائية والسياسية في العراق.وبدون المخدرات ايضا يستحيل تفكيك التضامن والتماسك الأسري للمجتمع العراقي والدعوة الى زواج القاصرات والمتعة، التي زادت من حالات الطلاق، حتى اصبحت بعض المحاكم اليوم تستقبل حالات طلاق اكثر من إبرام عقود الزواج، سيما ان الادمان، واحد من الاسباب التي تؤدي الى التفريق القضائي.
المدارس وبعض دور العبادة الولائية اصبحت بؤراً للمخدرات والاتجار بالاعضاء البشرية وتهريب العملة.نجم عن هذا وذاك، شيوع حالة اللاتجانس المجتمعي محل حالة التجانس المجتمعي، حيث كان العراق يوصف بتقارير الامم المتحدة بأنه (بلد بلا حشيش) وكانت طائرات الخطوط الجوية العراقية لا تدخل الى الصالات الحمراء في مطارات العالم.وما تجدير الاشارة اليه، فإن وكالات التنشئة الاجتماعية، كالمدرسة والمؤسسات الدينية، الجامع والكنيسة، لها دور فاعل في بناء وقولبة الشخصية من جهة، وفي الحد من تنامي ظاهرة المخدرات ومخرجاتها الجنائية على الارهاب الدولي.إذ إن اخطر ما يحصل في العراق اليوم ان المدارس وبعض دور العبادة الولائية اصبحت بؤراً للمخدرات والاتجار بالاعضاء البشرية وتهريب العملة، فباتت ملاذاً امناً لهؤلاء السايكوباثيين.غزو ايران لمناطق شمال العراق بالمخدراتأصبح شمال العراق لا يختلف عن جنوبه ووسطه، فلم ينجو من القتل بالاسلحة الكاتمة للشباب بسلاح المخدرات. وبهذا الصدد “كشف يادكار حاجي، الباحث الاجتماعي في سجن اصلاح الكبار في محافظة السليمانية، الذي يضم محكومي المواد المخدرة، كشف ان قرب الحدود الإيرانية وسهولة التنقل الى أراضي الإقليم كانت سببا في انتشار المخدرات” وأن هذه الزيادة تزامنت ايضا مع قرار منع بيع الكحول الذي يصب لصالح المخدرات الايرانية.وبيّن ايضا، أن النسب والارقام التي أعلنتها السلطات الامنية في السليمانية (الآسايش) تشمل تعاطي المواد المخدرة والاتجار بها داخل مركز المدينة فقط، اما إدارتا مناطق (كرميان ورابرين وحلبجة) والمناطق الاخرى ضمن حدود المحافظة فلديها ارقام ومعلومات خاصة بها، هذا فضلا عن محافظات أربيل ودهوك التي يجري الحديث فيها عن ارتفاع عدد المتعاطين”.واشار المسؤول الأمني في السليمانية إلى تفشي تلك الحالات في محافظات شمال العراق الأخرى، وقال “لقد تم الاستيلاء على حقل للمواد المخدرة في حدود محافظة اربيل.” زعيم تركماني، اكد ايضا، إن تجارة المخدرات مصدر رئيسي لتمويل أنشطة حزب العمال الكردستاني في العراق.ومن خلال المشاهدات الميدانية، شمال وجنوب ووسط العراق ظهر أن المتعاطين غالبيتهم كانوا من منخفضي التعليم، ومن أسر تعاني الجهل والأميّة.ثالثا: اضطراب الوضع الامني كان الضطراب الأمني في العراق سبباً في تشجيع شبكات تجارة المخدرات الدولية التوجه نحو هذا البلد كسوق جديد في قلب الشرق الأوسط. ويعلل هذا الاضطراب، بانه كان ناجما عن تفكيك مؤسسات الضبط الرسمية: أي، وازرتي الداخلية والدفاع والمؤسسات الامنية بعد الاحتلال الأميركي واستبدالها بمؤسسات ضبط حكومية وغير حكومية ولاؤها لغير العراق. نجم عنها اضطراب الامن الاجتماعي.رابعا: وسائل الإعلام والاتصالكان لوسائل الاعلام المتنوعة والمتعددة، المرئية منها والمسموعة والمقروءة، كان لها دور فاعل في مجال تشكيل الفكر وقولبة الشخصية الوطنية السوية قبل الاحتلال، والسايكوباثية بعد ذلك.خامسا: أسباب اقتصاديةيمكن تسبيب الجريمة في احايين كثيرة بالفقر، لأن الفقر يؤدي الى الجريمة، والجريمة سببها الفقر، وفق النظرية السببية لعلم اجتماع الجريمة، ومما ويعزز ذلك سكن أغلب المتعاطين في مناطق فقيرة، كالمخيمات والعشوائيات، من بيوت الطين والصفيح.كما نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية تقريرا أشارت فيه إلى أن سجون مدينة البصرة تكتظ بالمدمنين ومهربي المخدرات من التجار الصغار وأفراد العصابات.وعليه “يشكل الوضع الاقتصادي المتردي سببا في لجوء بعض الأفراد بالتفكير في وسائل وطرق غير مشروعة للحصول على لقمة العيش بما فيها الترويج للمخدرات” فقطع الارزاق وعدم دفع رواتب الموظفين والسياسة الاقصائية المتعمدة منذ الاحتلال في عام 2003 نجم عنها ارتفاع معدل خط الفقر، وبلغت البطالة نحو 35% حسب تقرير وزارة التخطيط، ناهيكم عن التهجير القسري والعيش بالمخيمات والعشوائيات، التي تعتبر اوكاراً لجرائم المخدرات.وشكّل الشباب الغالبية العظمى من المتعاطين للمخدرات والمؤثرات العقلية، إذ بلغت نسبتهم (91.2%) من الموقوفين. وينتمي قرابة 38% من هؤلاء الشباب إلى أسر فقيرة، فيما يتوزع المتبقون منهم على أسر فوق خط الفقر بقليل 57%.سادسا: أسباب قانونيةصنّف المشرع العراقي، قبل الاحتلال، جرائم الاتجار بالمخدرات وتهريب العملة من جرائم تخريب الاقتصاد الوطني المخلة بالشرف، وعاقب مرتكبيها وكل من ساهم فيها بالإعدام او السجن المؤبد او المؤقت او الحبس، وبغرامة، وفق احكام قانون المخدرات رقم (68) لسنة 1965. (13)خلال حقبة الاحتلال، منذ عام 2003، جرى إقرار قاعدة تخفيف العقوبة، حسبما ورد في المواد 28-31 و 33 من احكام قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (50) لسنة 2017. وكانت تلك المدخلات القانونية الجديدة سبباً في انتشار سلاح المخدرات، سيما بعد ان خففت عقوبة المخدرات من الإعدام والسجن المؤبد لتصل إلى السجن بين (5- 15) سنة، واحيانا تصل ثلاثة شهور للطبيب الذي أعطى وصفة طبية، لصرف مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية لغير العلاج الطبي.والاسوأ من ذلك اجاز القانون الجديد ايضا استبدال العقوبات المخففة اعلاه احيانا، بالعلاج الصحي والنفسي، تاركاً القرار للسلطة التقديرية للقاضي، ومع ضرورة العلاج الصحي والنفسي إلا أن هذا الأمر ساعد ذوي النفوذ السياسي وكبار التجار على التملص من العقوبة المشددة والمخففة، ما ادى الى ارتفاع شديد في معدلات هذه الجريمة الدولية، وبهذا الشأن اشار مدير أحد السجون إلى وصول نسبة المسجونين بقضايا المخدرات الى 90% من النزلاء. (15)مقترحات وقائية وعلاجية